فيديو - قوة الانفجار النووي







"لا يزال يُنظر إلى الإرهاب النووي في غالب الأحيان باعتباره ضرباً من الخيال العملي. أتمنى لو أنه كان كذلك فعلياً. إنما لسوء الحظ، نحن نعيش في عالم يزخر بفائض من المواد الخطيرة والمهارات التكنولوجية الوافرة، عالم يؤكد فيه بعض الإرهابيين بصريح العبارة على عزمهم التسبب بإصابات كارثية". هذه ليست أقوال غرينبيس، وإنما أقوال الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان.

والواقع أن أنان محق كل الحق في مخاوفه. ففي أعقاب أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر العام 2001 التي شهدتها الولايات المتحدة، باتت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة تعتقد بأنه "من المرجّح إلى أبعد حدود" أن يستهدف الإرهابيون المنشآت النووية في سائر أنحاء العالم.


ويبدو الوضع في الشرق الأوسط أكثر حدة. وفي هذا السياق، يرجح محللون أن أي نزاع مستقبلي في المنطقة سيتخذ شكل ضربات عسكرية تكتيكية أو حرب عصابات عوضاً عن حرب مفتوحة قديمة الطراز. ولعل المثال الأخير على هذا التوجّه يبرز في الصراع الذي سُجل في تموز/يوليو العام 2006 بين إسرائيل وحزب الله اللبناني. وقد أشارت وسائل الإعلام في تقاريرها إلى أن هذا النمط سيشيع على الأرجح في النزاعات المسلحة المقبلة.

تقرأون في ما يلي حقائق تثبت مدى جدية هذا التهديد:

  • تم العثور في سيارة مرتبطة بتفجيرات لندن التي وقعت في تموز/يوليو العام 2005 على مخططات تفصيلية للمواقع النووية في بريطانيا، وضمناً محطة سايزول Sizewell.
  • يمكن لأي ضربة إرهابية تستهدف صهاريج تخزين النفايات المشعة في منشأة سيلافيلد في المملكة المتحدة أن تودي بحياة أكثر من مليوني شخص. فطبيعة النفايات المشعة المخزّنة في هذا الموقع تعني أن أي هجوم قد يجعل كارثة تشيرنوبل تبدو مقارنة به قليلة الشأن.
  • في خلال العامين 2004 و2005، تم تسجيل أكثر من 40 حالة اختراق محتمل للأمن في المواقع النووية المدنية في المملكة المتحدة.
  • في خلال العام 2005، أُلقي القبض على ثلاثة إرهابيين مشتبه بهم بالقرب من مفاعل مرتفعات لوكاس النووي (Lucas Heights) في ضواحي سيدني في أستراليا.
  • تضمنت مقابلة مسجّلة عُرضت على محطة الجزيرة الإخبارية بتاريخ 10 أيلول/سبتمبر العام 2002 بياناً يظهر أن تنظيم القاعدة كان يخطط في البدء لأن تشمل هجمات 11 أيلول/سبتمبر منشأة نووية. سُجِّلت ستة هجمات مباشرة معروفة على مصانع للطاقة النووية في فرنسا والفيليبين وجنوب أفريقيا وإسبانيا وسويسرا.
هذا وتتضمن قاعدة البيانات الخاصة بمعهد الشرطة الدولية لمحاربة الإرهاب 167 حادثاً إرهابياً سُجلت بين العام 1970 والعام 1999 وشملت كلها أهدافاً نووية.
فضلاً عن ذلك، تختفي أطنان من المواد النووية من دون معرفة المسؤولين عن اختفائها. أما أوجه الاستخدام المحتملة لهذه المواد، فتشمل تصنيع ما يُعرف بالقنابل الملوّثة. وجدير بالذكر أن القنابل الملوّثة ليست متفجرات نووية، ولا تنتج الفطر النووي الشهير، وإنما تنطوي على متفجرات تقليدية مثل الديناميت مغلّفة في مواد نووية. وقد تُستخدم هذه القنابل لإحداث تلوث مشع ينتشر على نطاق واسع. 

 

السلامة وحوادث الطاقة النووية:




لا بد من الإشارة إلى أن المفاعلات الآمنة مجرّد خرافة. فقد تطرأ الحوادث في أي مفاعل نووي، والمفاعلات كلها تنطوي على خطر تدفق المواد المشعة المميتة إلى البيئة. الواقع أن المواد المشعة تنبعث في الجو وتتسرب إلى المياه حتى عندما تعمل المفاعلات كما هو مخطط لها. لكن قطاع التكنولوجيا النووية لا يزال محاطاً بالسرية المشابهة للتكتم على الأسرار العسكرية، بل إن هذه السرية هي التي أدت إلى نشأة هذا القطاع في أربعينيات القرن العشرين.
شهد القطاع النووي حوادث خطيرة حتى قبل وقوع كارثة تشيرنوبل في العام 1986 بوقت طويل. وبعد مرور عشرين عاماً، لا يزال هذا القطاع موبوءاً بالحوادث والمخاطر والضربات غير المباشرة إنما القريبة كفاية لإحداث أضرار بالغة. لكن تشيرنوبل تقف شاهداً على المخاطر. وعلى الرغم من التأثير العالمي لتلك الحادثة، إلا أنها بدت حتى آنذاك بعيدة عن سيناريو الوضع الأسوأ.   
وعلى غرار أي شيء آخر، يتقدم العمر بالمفاعلات النووية هي أيضاً. وإذ تزداد هذه المفاعلات قدماً، يصبح تشغيلها بشكل "آمن" أكثر كلفة. أضف إلى ذلك أن الناشطين في القطاع النووي لا ينفكون يواجهون المزيد من المنافسة، بما في ذلك منافسة الطاقة المتجددة الأقل كلفة والأكثر أمناً. هذا وقد أُخضع العديد من العمليات النووية للخصخصة، ما أضاف ضغوطات تحقيق الأرباح في القطاع الخاص إلى المطالبة بالسلامة العامة. فمطالبة أصحاب الأسهم بالأرباح حيث اعتُمدت الخصخصة تفرض المزيد من الضغوطات على قطاع قد يشكل تقليص الأكلاف فيه ضربة قاضية. 

هذه الحقائق ليست من صنع الخيال العلمي، بل إنها تجسد تاريخ قطاع تشوبه المشاكل:

سيلافيلد ، المملكة المتحدة، 10 تشرين الأول/أكتوبر العام 1947: اندلع حريق في مفاعل ويندسكيل الذي ينتج البلوتونيوم المستخدم في البرنامج البريطاني للأسلحة النووية. وقد ظل المفاعل يحترق لساعات عدة، ما أدى إلى انبعاث كميات كبيرة من المواد المشعة في الهواء. والواقع أن سحابة المواد المشعة انتشرت وصولاً إلى سويسرا. أما على المستوي المحلي، فتم إتلاف آلاف الليترات من الحليب الملوّث. لكن التفاصيل الكاملة لهذا الحادث لا تزال تخضع لقوانين أسرار الدولة في المملكة المتحدة.   كيشيتم ، روسيا، 29 أيلول/سبتمبر العام 1957: شب حريق بفعل قصور في التبريد في خزان للنفايات السائلة. وإذ ذاك، أدى انفجار الخزان إلى تطاير غطاء من الخرسانة سماكته متران ونصف المتر عن مستودع تخزين يقع تحت الأرض، ما تسبب بانبعاث 70 إلى 80 طناً من المواد المشعة العالية النشاط. وكانت النتيجة تلوّث آلاف الكيلومترات المربعة من الأراضي. لكن الحادث بقي طي الكتمان حتى أواسط سبعينيات القرن العشرين. هذا وقد اختفت عن الخرائط أسماء نحو 30 مجتمعاً.
هاريسبورغ، بنسلفانيا، الولايات المتحدة، 28 آذار/مارس العام 1979: أدى مزيج من العيوب التقنية والأخطاء البشرية إلى ذوبان جزئي في قلب مفاعل الوحدة الثانية في محطة الطاقة النووية الواقعة في جزيرة ثري مايل Three Mile Island. وإذ انبعثت الغازات المشعة بفعل الحادث، تم إجلاء نحو 3500 طفل وامرأة حامل من محيط المنشأة. 
تشيرنوبل، أوكرانيا، 26 نيسان/أبريل العام 1986: في سياق اختبار نظام السلامة في الوحدة الرابعة من محطة تشيرنوبل للطاقة النووية، أدت أخطاء ارتكبها مشغلو المفاعل إلى ذوبان القلب. كان الانفجار ضخماً وترافق مع تطاير غلاف وزنه ألف طن من المفاعل. آنذاك، لفّت أوروبا سحابة إشعاعية ضخمة. وفي أوكرانيا وروسيا البيضاء، امتد التلوّث على مساحات شاسعة. وفي أيامنا هذه، بدأت تظهر التأثيرات الطويلة الأمد للتلوث الإشعاعي، ولا سيّما لدى الأطفال.
توكيمورا ، اليابان، 30 أيلول/سبتمبر العام 1999: في مصنع لإنتاج الوقود، عمد اثنان من العمال إلى مزج محلول يحتوي على كمية كبيرة من اليورانيوم السائل، فانتهكا بذلك قوانين السلامة الأولية. وإذ ذاك، بدأ تفاعل نووي متسلسل تسبب بانبعاث منتجات مشعة عالية النشاط. وفي حين توفي اثنان من العمال الثلاثة بعد أشهر من الإصابة بالمرض الإشعاعي، تعرض أكثر من 400 شخص لمعدلات مرتفعة من المواد المشعة. وبعد مرور عام واحد، تبيّن أنه قد تم التلاعب بتقارير السلامة الحيوية في المفاعلات في مختلف أنحاء اليابان بهدف تفادي إجراء الإصلاحات المكلفة وتعطيل المفاعلات لوقت طويل.

ومؤخراً:

- في اليابان، وعلى الرغم من الادعاءات باحترام أعلى معايير السلامة، أدى انفجار بخاري في مفاعل ميهاما Mihama إلى مقتل خمسة عمال. وفي العام 2006، أمرت المحكمة بإغلاق أحد المفاعلات لعجزه عن تحمل الزلازل القوية، علماً بأن المفاعلات كلها في هذه البلاد ترتفع فوق طبقات جيولوجية ناشطة؛
- الولايات المتحدة، حيث يفوق عدد محطات الطاقة ما هو عليه في أي مكان آخر، بالكاد تفادت أميركا في العام 2002 وقوع كارثة في مفاعل دايفيد- بيسي David-Besse في أوهايو، عندما تبيّن أن التآكل يوشك أن يبلغ وعاء الضغط، ما من شأنه أن يؤدي إلى ذوبان كامل قلب المفاعل. وكانت غرينبيس قد تقدّمت قبل ذلك بعشر سنوات بشكوى لدى السلطات المعنية بالتشريعات النووية للتحذير من خطر التآكل في كامل المنشآت النووية الأميركية. لكن التحذير قوبل بالتجاهل. وبعد اكتشاف ما كان يحدث في دايفيد-بيسي، أُغلق المفاعل مدة سنتين (فترتبت عن إغلاقه كلفة بقيمة 600 مليون دولار أميركي).أما اليوم، فيعمل المفاعل بموجب ترخيص يجيز تشغيله حتى العام 2017.
- في كانون الأول/ديسمبر العام 2003، فعّلت وكالة السلامة النووية الفرنسية مركز الاستجابة للحوادث الطارئة رداً على الأمطار الجارفة التي تساقطت على امتداد نهر الرون الأدنى، في أعقاب الإغلاق الطارئ لمفاعلين (كرواس Cruas 3 و4) بفعل الأضرار التي أحدثها الفيضان.  
مثال من واقع الحال: تشيرنوبل – فرنسا ومنطقة شامبانيا

 فيديو  للانفجار النووي: